أيها السادة الكـــرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني أن أرحب بكم في تونس العزيزة التي تحتضن مقر مجلسنا الموقر بكل كرم وحفاوة، داعين الله عز وجل أن يقيها وسائر الدول العربية مخاطر الإرهاب وشروره وأن يُنعم عليها باطراد التقدم والازدهار في كنف الأمن والاستقرار.
ويشرفني أن أتقدم إلى أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب بكل التقدير والعرفان لرعايتهم الكريمة للأمانة العامة، وحرصهم على تعزيز التعاون الأمني العربي.
بدايةً نتأسف لعدم مشاركة إخواننا من دولة فلسطين معنا في هذا اليوم، وترؤسها لهذا الاجتماع، وذلك بسبب ما حلّ بهم من اعتداء غاشم من دولة الاحتلال الإسرائيلي ومايتعرضون له من حصار وقتلٍ للمدنيين والأطفال وهدمٍ للبنى التحتية وتهجيرٍ للمواطنين.
ولا يسعنا هنا إلا تأكيد رفضنا التام لاستهداف المدنيين في غزة وقصف المدراس والمستشفيات مثل العداون الغاشم الذي طال أمس المستشفى الأهلي المعمداني وخلف مئات الضحايا، في استخفاف سافر بالأرواح البشرية وانتهاك تام للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. كما نؤكد رفض محاولات تهجير السكان الفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
تجتمعون اليوم وبين أيديكم جدول أعمال ثري بالمواضيع الهامة التي تلامس عدة جوانب من المعضلة الإرهابية. فستنظرون في آلية عربية استرشادية حول السبل المثلى لمواجهة تحالف عصابات الإجرام المنظم والتنظيمات الإرهابية، وهو موضوع في غاية الأهمية في ظل المؤشرات المتزايدة حول علاقات التعاون القائمة بين هذه الجماعات الإجرامية.
وعلى صعيد استخدام التكنولوجيا الحديثة في ارتكاب الأعمال الإرهابية ستنظرون في مخاطر صناعة الطائرات المسيرة والأضرار التي تنجم عنها، وهو كذلك موضوع على درجة كبيرة من الأهمية نظرا لسهولة صناعة تلك الطائرة وإمكانية حملها للمتفجرات واستخدامها في الأعمال الإرهابية.
وسيكون لتبادل التجارب والممارسات الفضلى نصيب وافر من مناقشاتكم اليوم من خلال استعراض تجارب بعض الدول الأعضاء في مواجهة الأعمال الإرهابية، وتبادل الآراء بشأن المستجدات في مجال الإرهاب والسبل الكفيلة بمواجهتها.
يؤمن مجلس وزراء الداخلية العرب بأن مواجهة الإرهاب باعتبارة جريمة عابرة للحدود يتوجب تعزيز التعاون لا فحسب بين الدول العربية بل أيضا بينها وبين دول الجوار والمجتمع الدولي.
ودعوني أشير في هذا السياق الى الجلسة الحوارية التي انعقدت أمس حول التهديدات الإرهابية المتأتية من منطقة الساحل والصحراء والتي أردناها مساحة للنقاش بشأن تلك التهديدات تمهيدا لاجتماع نعتزم عقده خلال العام القادم بحول الله بين دول مجموعة العمل الفرعية الإجرائية الثالثة لمكافحة الإرهاب وبين دول الساحل والصحراء تنفيذا لتوصية صادرة عن الاجتماع الثالث عشر للمجموعة عام 2019م.
وإن الحضور المكثف اليوم لممثلي المنظمات الإقليمية والدولية الذين نرحب بهم جميعاً لهو دليل آخر على هذا التصور لمكافحة الإرهاب. واسمحوا أن أرحب خاصة بالمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون وبمنصة مكافحة الإرهاب المعنية بتعزيز حقوق الإنسان (CT Phare) التي يقوم بتنفيذها والتي نتقاسم معها الحرص على أن تظل مكافحة الإرهاب في إطار احترام حقوق الإنسان وكرامته، شاكرا للمنصة الأنشطة التي تنظمها لبناء قدرات الدول العربية في هذا المجال.
كما أرحب بمشروع تبادل معلومات مكافحة الإرهاب وتدابير العدالة الجنائية (CT Inflow) الذي تنفذه الوكالة الأوروبية للتدريب على إنفاذ القانون (Cepol)، مقدرا الأنشطة التي يقوم بها لتعزيز تبادل المعلومات بشأن الإرهاب، وهو ما نحرص عليه أيضا كما يتجلى في البند الخاص بنتائج أعمال فريق الخبراء العرب المعني برصد وتبادل المعلومات حول التهديدات الإرهابية وتحليلها.
ختاماً أجدد الترحيب بكم جميعاً، راجياً لأعمالكم أن تكلل بالنجاح.
وفقكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته