×
الأحد، 16 مارس 2025 من نحن اتصل بنا

مؤتمرات 2016

الرئيسية مؤتمرات مؤتمرات 2016 كلمـة معالي السيد الهادي المجدوب وزير الداخلية في الجمهورية ...

كلمـة معالي السيد الهادي المجدوب وزير الداخلية في الجمهورية التونسية

المؤتمر الأربعون لقادة الشرطة والأمن العرب

بسم الله الرحمان الرحيم

معالي الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب،

أصحاب المعالي والسّعادة،

السّادة أعضاء الوفود،

الضيوف الكرام،

يسعدني أن أرحّب بكم، السادة قادة الشرطة والأمن العرب والوفود المرافقة لكم، في تونس، راجيا من المولى العلي القدير أن يكلّل أعمال مؤتمركم، والذي ينعقد قبل أيام من يوم الشرطة العربية، بالتوفيق والنجاح.

كما أغتنم هذه المناسبة لأتوجّه بالشكر والتقدير إلى معالي الأمين العام الدكتور “محمد بن علي كومان” لدوره البارز في تعزيز مسيرة مجلس وزراء الداخلية العرب، وحرصه الدائم على متابعة ما يصدر عنه من توصيات وقرارات.

أصحاب السّعادة،

أيّها السّيدات والسّادة،

لقد بلغ مؤتمركم درجة عالية من النضج، منذ انعقاده لاول مرة بمدينة العين الإماراتية قبل حوالي أربعون عاما، وقد أصبح اليوم محطة بالغة الأهمية على درب ترسيخ أسس التعاون بين أجهزتنا وتحقيق مستوى متقدم من التكامل في الرؤى والتصورات الكفيلة بتحديد أولويات العمل الأمني في مجابهة التهديدات التي تتربص بمنطقتنا العربية، بما يساعد على تعزيز مناخ السلم والاستقرار فيها ودفع مسيرة التنمية والازدهار لصالح شعوبها. 

ولا يخفى عليكم ما بات يتسم به الوضع الإقليمي اليوم من توتر وعدم استقرار، نتيجة لتزايد وتيرة التهديدات وإستفحال الأزمة في عدد من دول المنطقة.

فقد كشفت المتغيرات التي تشهدها المنطقة عن تشكّل جيل جديد من الإرهابيين نجحت زعامات الإرهاب ومنظّريه في تجنيدهم وتعبئتهم، بإستعمال أحدث تقنيات الإتصال وأكثر تطبيقاتها تعقيدا، مما ساهم في مزيد إنتشار الخطاب المتطرف وإستفحال مظاهر  الجريمة والتخريب.

كما مكّنت الأوضاع المتأزمة والصراعات المستفحلة في عدد من الدول العربية، على صعيد آخر من خلق بيئة ملائمة لتنامي أنشطة الجريمة المنظمة من تهريب بأنواعه وإتجار غير مشروع في الأسلحة، وتوثيق التحالف مع الإرهاب، لتضاف إلى مجمل التحديات التي تواجه أجهزتنا الأمنية.

هذا، وتظلّ الخلايا الإرهابية النائمة المنتشرة في عدد كبير من دول العالم أبرز خطر يتهدّد أمن وإستقرار أوطاننا، لا سيّما بعد أن يتم تطعيمها بالعناصر المقاتلة العائدة من بؤر التوتر والتي تتمتع بجاهزية عالية لتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية نوعية.

الحضور الكريم،

لقد مكّنت الجهود الأمنية والعسكرية المبذولة في تونس، في إطار جملة من العمليات الإستباقية، من تفكيك عدد هام من الخلايا الإرهابية النائمة وإحباط مشاريعها التخريبية، بعد القضاء على متزعميها وكشف مخابئ أتباعها ومخازن أسلحتها التي تمكنت من تعبئتها بالتحالف مع بارونات التهريب،  إلاّ أنّ العمليات الإرهابية التي جدّت ببلادنا، خاصة خلال السنة الفارطة، وما اتصفت به من وحشية ودموية، تعكس حتما إصرار ما تبقّى من تلك الخلايا على مواصلة نهجها العدائي والمضي قدما في تنفيذ مخططاتها التخريبية.

ومن منطلق الوعي بجسامة التحديات وارتفاع وتيرة التهديدات، تولت تونس بتاريخ 07 أوت 2015 إصدار قانون أساسي جديد لمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، وقد ساهم هذا الاطار التشريعي الجديد في دعم الجهود الأمنية المبذولة في هذا المجال، باعتباره يجرّم أعمال الدعم والتحريض والتدريب والانتداب والتمجيد ومحاولة الاشتراك في أعمال إرهابية، وكذلك السّفر والتسفير إلى مناطق الصّراع.

كما تمّت المصادقة يوم 07 نوفمبر الفارط على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرّف والإرهاب، والتي ترتكز على أربعة محاور أساسية تتمثل في الوقاية والحماية والتتبّع والردّ، على أن يقع استكمال هذه الاستراتيجية بخطط عمل مفصّلة تتضمّن الإجراءات اللازمة لتنفيذها على مستوى الهياكل المعنية على امتداد خمس سنوات، مع إمكانية تحيينها حسب تطوّر الظاهرة.

ولئن أولت الوحدات الأمنية التونسية بمختلف اختصاصاتها جلّ اهتمامها لمسألة التوقي من الإرهاب ومكافحته، إلاّ أن ذلك لم يمنعها، رغم دقّة الظرف، من مواصلة الاضطلاع بمهامها المألوفة، من تصدّ لمختلف الظواهر الإجرامية وشتى محاولات الإخلال بالأمن العام وحماية الممتلكات الخاصة والعمومية وتأمين المنشآت الحيوية والفضاءات السياحية والمصالح الأجنبية المعتمدة ببلادنا.

ولعلّ الجهود التي بُذلت في تأمين الموسم السياحي ومختلف المحطات السياسية والتظاهرات الثقافية والرياضية والاقتصادية، التي عرفتها بلادنا، وآخرها منتدى تونس للاستثمار، تشكل مؤشرا جديا على تماسك وفاعلية المنظومة الأمنية في مجابهة مختلف التحديات والمخاطر وإشاعة السلم والأمن في ربوع البلاد.

السيدات والسادة الأفاضل، 

اسمحوا لي، أن أشدد على أهمية المواضيع المدرجة على جدول أعمال مؤتمركم الموقر، وفي مقدّمتها تعزيز الدور الريادي للعنصر النسائي في المجال الأمني وتفعيل مساهمة المرأة الأمنية في تطوير أداء الأجهزة.

كما لا يسعني إلا أن أؤكد على ضرورة الاستفادة المتبادلة من تجارب الدول الأعضاء في مجال الرقابة والتفتيش على الأجهزة الأمنية، وما يضطلع به هذا القطاع من مهام دقيقة في التحقق من بلوغ الأهداف وكشف النقائص والعمل على معالجتها وإصلاحها، علاوة على تدارس مختلف أشكال الدعم الإقليمي للتنظيمات الإرهابية في المنطقة العربية وإستشراف السبل الكفيلة بمكافحتها، سيما من خلال تسريع تبادل المعلومات بين الأجهزة الأعضاء.

أصحاب السعادة،

أيها السيدات والسادة،

إن تعدد وتنوع الرهانات والتحديات العالمية وما ينجر عن ذلك من انعكاسات ذات طابع أمني تقتضي منا جميعا مواصلة التعاون والتضامن وإحكام التنسيق من أجل تطوير القدرات العملياتية وتعزيز الامكانيات البشرية والمادية للأجهزة الأعضاء، تمهيدا لتحقيق الأمن العربي بمفهومه الشامل، وذلك وفق تصور استراتيجي واقعي وتفاعلي مع مُقتضيات المرحلة وماتتسم به من تنام للتهديدات والمخاطر، وأن نعمل سويا على دفع وتيرة تبادل المعلومات والتجارب والخبرات حول كل ما من شأنه أن يمس أمن بلداننا، ومزيد إحكام الرقابة على الحدود، والاستفادة المتبادلة في مجال التكوين والتأهيل لمزيد الرفع من جاهزية وحرفية وحداتنا.

وإننا على يقين بأن جهودكم الصادقة ستساعد على بلوغ الأهداف المنشودة على هذا الدرب.

أرحب بكم مجددا في تونس وأتمنى لكم إقامة طيبة، راجيا أن تكلّل أشغال مؤتمركم بإضافات متميزة تزيد في توطيد أركان الامن العربي المشترك وتطويره والارتقاء به إلى مستوى الرهانات والتحديات المطروحة.

شكرا لكم،

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.