سعادة العقيد حمود سعد حمود، رئيس المؤتمــر،
سعادة السيدة إليزابيت تان، ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى جامعة الدول العربية،
أصحاب السعادة رؤساء وأعضاء الوفود،
أيها السادة الكـــرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني، أن أرحب بكم في مقر مجلسنا الموقر، الذي تحيطه تونس العزيزة بموفور الرعاية وبالغ العناية. فلها منا رئيساً وحكومة وشعباً وأجهزة أمن كل الشكر والامتنان، سائلين الله جل وعلا أن يُنعم عليها باطراد التقدم والازدهار في كنف الأمن والاستقرار.
ويشرفني أن أتقدم إلى أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب بكل التقدير والعرفان لرعايتهم الكريمة للأمانة العامة، وحرصهم على تعزيز التعاون العربي لحماية حقوق الإنسان ورعاية اللاجئين.
ويسعدني أن أرحب بشكل خاص بالسيدة إليزابيت تان، ممثلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لدى جامعة الدول العربية التي يشكل حضورها اليوم معنا دليلا على إرادة حقيقية لدى المفوضية الموقرة للتعاون في سبيل حماية اللاجئين يقابلها حرصٌ أكيدٌ من لدنا على بذل كل الجهود الممكنة لتخفيف المعاناة المريرة التي يعيشها ملايين اللاجئين والمهاجرين في المنطقة العربية انطلاقا من مسؤوليتنا الإنسانية والدينية والأخلاقية، وتوفير الحماية اللازمة التي تقيهم من الوقوع فريسة لعصابات الإجرام وتحول دون انتهاك كرامتهم أو انتقاص حقوقهم.
ولا يسعني ـ سيدتي الكريمة ـ إلا أن أنوه بالجهود المباركة التي بذلها العاملون معكم لإنجاح هذا المؤتمر، مقدرا كل التقدير التعاون البناء والتنسيق المثمر الذي تم بينهم وبين العاملين في الأمانة العامة في سبيل الإعداد الجيد لهذا الحدث الهام.
سعادة الرئيــــس،
سعادة ممثلة المفوضية السامية
أصحاب السعـادة،
تشكل رعاية اللاجئين مبدأ أساسيا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وقيمة ثابتة في قيمنا العربية الأصيلة، وواجبا لا يمكن للمسلم الحق أن يتنصل منه تحت أي ظرف. وكيف يتنصل المسلم من واجب إكرام اللاجئ ـ وهو ضيف ـ، وهذا رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم يَقرِن بين الإيمان وإكرام الضيف فيقول: ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرِمْ ضيفَه”. وكيف يتنصل المسلم من هذا الواجب وقد فرض الله في محكم الكتاب نصيبا في أموالنا لابن السبيل وحث ديننا في أكثر من موضع على رعاية السائل والمحروم.
لذا فإن الاهتمام برعاية المهاجرين واللاجئين كان دائما حاضرا بقوة في الدول العربية، ويكفي للدليل على ذلك أن ننظر إلى ملايين اللاجئين الذين اندمجوا بشكل تلقائي في المجتمعات العربية دون أن يتم وضعهم على أي قوائم أو إحاطتهم بأي نوع من أنواع الرعاية التي توفرها الدول والمنظمات الإنسانية. لقد فتحت آلاف الأسر العربية بكل تلقائية بيوتها لأشقائها النازحين من بؤر الصراع والتوتر.
سعادة الرئيــــس،
سعادة ممثلة المفوضية السامية
أصحاب السعـادة،
ليس الغذاء والدواء والمأوى والتعليم … الحاجات الوحيدة التي ينبغي العمل على توفيرها للاجئين. بل لا بد من توفير رعاية أمنية لهم تحول دون استغلالهم في السخرة والاتجار بالأشخاص وبالأعضاء البشرية وتجنيدهم من قبل تنظيمات الإرهاب وعصابات الاتجار بالمخدرات. ولكي تكون هذه الرعاية فعالة لا بد في تقديرنا من أن تعمل على غرس ثقافة أمنية ذاتية تحصن اللاجئ كي لا يصبح ضحية للإجرام، وهو أمر لا يتحقق إلا بتنمية الحس الأمني والتوعية بالمخاطر المحدقة. والأمل معقود في هذا الجانب على جهود المؤسسات المعنية خاصة وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.
وإن المخاطر الأمنية المرتبطة بحركة اللجوء لا تنحصر فقط في المخاطر التي تتهدد اللاجئ نفسه، بل تتجاوز ذلك إلى مخاطر تهدد مجتمعات المقصد. ذلك أن المنظمات الإجرامية لا تتوانى عن استغلال حركة اللجوء للاندساس بين اللاجئين واختراق حدود الدول وتمرير المقاتلين والأسلحة والذخائر وتهريب المخدرات والمواد المحظورة. وقد عبرت دول عربية عديدة في مؤتمرات أمنية عدة عقدت في هذه القاعة عن مخاوف من مؤشرات متواترة على ضلوع لاجئين في عمليات إرهابية وفي تهريب المخدرات والسلع المختلفة.
في وضع كهذا لا بد للدولة التي تقع على عاتقها مسؤولية حماية أمن مواطنيها وسلامتهم أن تتخذ إجراءات الرقابة والتفتيش اللازمة لمعالجة أي تهديد أمني، مما قد ينتح عنه ـ للأسف ـ بطء في انسيابية حركة استقبال اللاجئين وإيوائهم.
ورغم أن مجلسنا ما فتئ يشدد على ضرورة تبسيط الإجراءات في المنافذ الحدودية بما في ذلك الإجراءات المتعلقة باللجوء والهجرة، ورغم أنه قد عهد إلى المؤتمر الأخير لرؤساء أجهزة الهجرة والجوازات والجنسية الذي انعقد بتونس في أواخر شهر يوليو الماضي بمناقشة السبل الناجعة للتعامل مع اللاجئين بما يقلل من معاناتهم، فإننا نتفهم المخاوف التي تساور بعض الدول من أن يتم استغلال الوضع الإنساني للاجئين في اقتراف جرائم خطيرة.
لذا فإننا نعول كثيراً على هذا المؤتمر الذي يجمع نخبة من المعنيين بالشأن الأمني وبشؤون اللجوء والهجرة، في رسم طريق سالكة تفضي إلى معالجة المخاوف الأمنية دون انتقاص حقوق اللاجئ أو زيادة معاناته. انطلاقا من القناعة التي نتشاركها جميعا من أنه ينبغي أن لا يكون هناك تعارض بين ضمان الأمن وحماية حقوق اللاجئين وحقوق الإنسان جميعا.
سعادة الرئيس
سعادة ممثلة المفوضية السامية
أيها السادة الكرام
لا يسعني في الختام إلا أن أعبر عن سعادتنا بهذا المؤتمر الذي نرى فيه باكورة تعاون بناء بين مجلس وزراء الداخلية العرب والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، نأمل أن يتعزز باستمرار وأن يثمر نتائج طيبة تعود بالنفع على اللاجئين وعلى المجتمعات التي تحتضنهم.
أجدد الترحيب بكم، راجياً لأعمالكم أن تكلل بالنجاح.
وفقكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته