ألقى معالي السيد نور الدين بدوي وزير الداخلية والجماعات المحلية في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، كلمة في حفل افتتاح الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب التي انعقدت بتونس يوم 2017/4/5 قال فيها :
بسم الله الرحمان الرحيــم والصلاة والسلام على خاتم الأمبياء والمرسلين، محمد الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب،
معالي السيد الهادي المجدوب، وزير الداخلية، رئيس الدورة
أصحاب السمو والمعالي،
معالي الأمين العام للمجلس،
حضرات السيدات الفضليات،
حضرات السادة الأفاضل،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني ويطيب لي، أن أتوجه إليكم باسمي وباسم حكومة بلادي وشعبها، بأخلص عبارات الشكر والتقدير، كما يشرفنى بالمناسبة أن أنقل إليكم تحيات فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مشفوعة بتمنياته الصادقة بالنجاح والتوفيق لأشغال دورة مجلسنا الموقر.
وأغتنم هذه السانحة لأعرب عن خالص الشكر والامتنان للجمهورية التونسية الشقيقة، وعلى رأسها فخامة الرئيس محمد الباجي قايد السبسي، على رعايته الكريمة لأشغال الدورة وعلى جودة الاستقبال والترحيب وكرم الضيافة وتوفير كافة مقومات النجاح لهذا اللقاء العربي الهام.
ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أتوجه بوافر الشكر إلى أخي وزميلي السيد الهادي المجدوب، معالي وزير الداخلية، رئيس الدورة، وإلى معاونيه على الجهود التي بذلوها في الإعداد لهذه الدورة وتوفير كل عوامل نجاحها، متمنيا له كل التوفيق في إدارة أشغالها.
كما لا يفوتني أن أعرب عن فائق التقدير والشكر لصاحب السمو الملكي، الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية والرئيس الفخري لمجلسنا الموقر على جهوده المخلصة في دعم العمل الامني العربي المشترك وإلى معالي الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، وزير الداخلية في مملكة البحرين، على جهوده في إنجاح أشغال الدورة الثالثة والثلاثين للمجلس.
والشكر موصول لمعالي الدكتور محمد بن علي كومان الامين العام للمجلس ولمساعديه، على التحضير الجيد لهذه الدورة وعلى المتابعة الدؤوبة لقرارات المجلس وإلى سعادة الدكتور جمعان رشيد بن رقوش رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الامنية على جهوده في تنمية القدرات العلمية لإطارات الشرطة العرب بما يتماشى وتنوع التحديات وخطورتها.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة،
السيدات الفضليات،
السادة الأفاضل،
ينعقد مجلسنا اليوم في ظروف غير عادية، ولا ريب في ذلك، ويأتي في مرحلة تتسم بوضع استثنائي يعرفه الوطن العربي جراء الأزمات التي تعيشها وللأسف، بعض من دوله على أكثر من صعيد وبؤر التوتر العديدة بالمنطقة والتي تضع دولها أمام تحديات جسيمة وخطيرة، لا سيما الأمنية منها وهي عديدة ومتنوعة.
حيث أفرزت الصراعات والاضطرابات التي يشهدها العالم اليوم بما فيها منطقتنا العربية وعمقها الإفريقي، تفاقما كبيرا في الإرهاب الذي أصبح فعلا ظاهرة دولية، مس بالخصوص دولا عربية عديدة وبعض دول الساحل الإفريقي وهو ما يشكل خطرا وتهديدا ليس على المنطقة فحسب بل ستؤثر تداعياته على جميع الدول وعلى السلام والأمن الدوليين.
فقد وفرت له الظروف العصيبة التي تمر بها بعض الدول المناخ المناسب ليستفحل وينمو فيها بوتيرة سريعة وأصبحت بذلك من أبرز البؤر الإرهابية ومعقلا للتنظيمات المتطرفة ومنطلقا لتنفيذ اعتداءاتها وعملياتها في بعض الدول خاصة وأن هذه التنظيمات متشابهة سواء في هيكلتها أو في أفكارها وإيديولوجيتها المتشددة والتكفيرية.
بالطبع لم يكن لهذه التنظيمات الإرهابية أن تنمو بهذا الحجم وتنتشر بهذا الشكل لولا الدعم الذي لا زالت تتلقاه وللأسف الشديد سواء كان ماديا أو ماليا أو معنويا، حيث أصبحت تتوفر على أسلحة هجومية ودفاعية متطورة ومختلف الآليات وقواعد خلفية للدعم والإسناد، بالإضافة إلى عائداتها من التجارة غير الشرعية والمحظورة إقليميا ودوليا كالمخدرات والأسلحة، وهو ما جعل ميزانيات بعض التنظيمات الإرهابية تناهز ميزانيات كثير من الدول وتفوقها في بعض الأحيان.
من جهة أخرى، فإن استغلال التنظيمات الإرهابية لفجوة الفراغ القانوني لمؤسسات إدارة شبكات التواصل الاجتماعي يسر لها الحركة مما يساعدها على التواصل المستمر فيما بينها وبث أفكارها الهدامة في أي نقطة من العالم دون خطر يضر بمصالحها.
وفي هذا الصدد، فإني أثمن التوصيات التي أصدرها مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب الأخير وبالخصوص تلك المتعلقة بموضوع الدعم الإقليمى للتنظيمات الإرهابية المتطرفة في المنطقة العربية، خاصة في ظل الروابط الوثيقة بين المنظمات الإرهابية وعصابات الإجرام المنظم لاسيما تلك المتخصصة في تهريب الأسلحة والمخدرات وتلك التي تدعم الإرهاب من حيث التمويل والإمداد بالأسلحة وتوفير الوثائق وضمان النقل والإيواء.
وهو ما يستلزم البحث عن السبل الكفيلة بمكافحة هذا الدعم بلا هوادة وتجفيف مصادره مهما كانت طبيعتها من خلال تبادل المعلومات والمعطيات ووضع الآليات المناسبة، لا سيما الحظر التام لدفع الفدية لمختطفي الرهائن وتجريم هذه الممارسة وفقا للقرارات الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة .
وعليه لابد من التأكيد مرة أخرى على أهمية عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة يخصص للإرهاب، يعالج كافة النواحي المتصلة به، لاسيما مسبباته ودوافعه الحقيقية، وعلى ضرورة إبرام اتفاقية دولية لمكافحة هذه الظاهرة، تضع لها تعريفا محددا ومتفقا عليه يميز بين الإرهاب كإجرام ممقوت والكفاح المشروع للشعوب من أجل التحرر وتقرير المصير وفق ما أقرته المواثيق الدولية فضلا عن ضرورة المشاركة الفعالة للدول العربية في جميع اللقاءات الدولية والإقليمية الخاصة بمكافحة الإرهاب، واتخاذ موقف عربي موحد في هذا المجال.
وفي هذا السياق، لا بد من توضيح الصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف الذي ينبذ العنف ويدعو إلى المحبة والتسامح والإخاء والتنبيه إلى خطورة الخلط بينه وبين الإرهاب كاجرام منظلم تمارسه عصابات إجرامية دموية.
فالإرهاب إجرام بحت، غير مرتبط لا بدين معين ولا بحضارة او بثقافة بعينها، ينتهك حقوق الإنسان ويهدد كيان وقيم الدول وهو آفة دخيلة على المجتمعات العربية والإسلامية، يقتضي التصدي لها وضع خطط فكرية لمواجهتها كون الفكر لا يواجه إلا بالفكر والتأكيد على أن الدين الإسلامي لم يكن يوم مصدر للإرهاب على الإطلاق وكذا مقاربة موحدة لمكافحته.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة،
السيدات الفضليات،
إلى السادة الأفاضل،
لقد أثبتت التجربة أن الاعتماد على الحل الأمني لوحده غير كاف للقضاء على ظاهرة الإرهاب ومختلف أنواع الجريمة، كما بينت أن مكافحة هذه الظواهر تتطلب مساهمة عوامل أخرى، على غرار الإعلام، والتربية والمجتمع المدني خاصة.
ونظرا لمدى تأثير الإعلام في بناء الرأي العام، ينبغي على دولنا العربية السهر على ضمان ممارسة إعلامية تلتزم بأخلاقيات المهنة وضوابطها القانونية، بحيث لا تصبح منبرا لدعاة التطرف والتحريض واداة لترويج الافكار التي تدعو إلى الحقد والكراهية والعنف والعنصرية، بل تكون فضاء للحوار البناء من شأنه تفرقة شمل الامة ووحدتها.
من جهة أخرى، يتعين على حكوماتنا تشجيع النخبة من مجتمعاتنا العربية، من علما ء ومريين ومفكرين ورجال الدين، على المشاركة في إرساء قواعد الحوار المجتمعي البناء لما لها من دور جوهري في التكوين الفكري السليم لأبنائنا وتحصينهم فكريا وعقائديا وتوجيههم نحو تبني أفكار تنبذ الغلو والتطرف وكل أشكال العنف وحمايتهم من الانحراف.
ويتعين على رجال الدين بالخصوص العمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة المنسوبة عنوة للدين الإسلامى الحنيف، والتى مست بجوهر تعاليمه السمحاء المبنية على المحبة والسلام والتسامح.
كما أنه يتعين علينا تشجيع الحركة الجمعوية ودعم المجتمع المدني، بكل أطيافه ومكوناته، كونه يعد طرفا أساسيا وفعالا في ترقية الحس المدني والشعور بالإنتماء وتعزيز أوجه التضامن الاجتماعي ويوفر أطر الحوار السلمي والسلوك المدني، بما يسمح بتأطير الشباب وتوعيتهم ويقيهم من الفكر الأحادي المتطرف ومن السلوك العنيف ويجنبهم السقوط بين مخالب الآفات الاجتماعية بكل أنواعها.
وفي السياق ذاته وللحد من قدرة التنظيمات الإرهابية على التجنيد، يتعين أيضا العمل على تحسين معيشة الفرد والاهتمام به وفتح المجال أمام الحريات وترقية مساهمة المواطن في الحياة العامة والسعي الحثيث لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وارساء دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية وترسيخ الحكم الراشد.
فدمقرطة المجتمع عامل فعلي وفعال لمكافحة التطرف لأن الديمقراطية تقوم على قيم عالمية من بينها تقبل الآخر ونبذ التهميش ناهيك عن الحكم الراشد الذي تكرسه دولة قوية قادرة على صنع وفرض تطبيق القوانين من اجل الحفاظ على حقوق الانسان والمواطن الاجتماعية والاقتصادية.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة،
السيدات الفضليات،
السادة الأفاضل،
فالمقارية التي نعتمدها هي مقاربة شاملة التي ترتكز على محور أمني ومحور تنموي اجتماعي اقتصادي، ومحور سياسي، هي نفس المقاربة التي تبنتها الجزائر قصد استئصال جذور الإرهاب والحد من انتشاره.
فالجزائر التي عاشت خلال تسعينيات القرن الماضي، مرحلة عصيبة جراء تكالب إرهاب أعمى، وعنف همجي ضرب مجتمعنا، استخلصت من تجربتها في مكافحة التطرف العنيف واستئصال الإرهاب أن سبل التصدي له هي مسؤولية شاملة للمجتمع الدولي ومسؤولية السلطة بكل مؤسساتها فى بناء منظومة قانونية وفكرية واجتماعية متماسكة، كما هي مسؤولية جميع المواطنين داخل الدول بتوجيه السلوكات الفردية والجماعية ضد مساعي الانحراف والتضليل.
ففي المجال الأمني، عملت الجزائر على مواجهة كل التحديات التي فرضها الإرهاب الدموي بالعمل المستمر على دعم أجهزتها الأمنية وتطويرها ضمن خطط عملياتية منسقة بين كل المصالح الأمنية المعنية، تحيين بشكل دوري ومستمر، بالإضافة إلى إشراك المواطن في المعادلة الأمنية بتعزيز علاقات الثقة بينه وبين رجل الأمن.
وفي هذا الصدد، أسست الجزائر في إطار جهودها لمكافحة التجنيد للعمل الإرهابي ومناصرته – لجنة قطاعية تضم مختلف الوزارات تعنى بالوقاية من التطرف الديني والانحرافات الفكرية وحماية أسس المرجعية الدينية الوطنية من الافكار المنحرفة بتكريس لغة الحوار وترسيخ ركائز الأمن الفكري، كما أصدرت قوانين لتجريم تجنيد الأشخاص لحساب الجماعات والمنظمات الإرهابية ودعم أعمالهم وتمويلهم وتنظيم أسفارهم والترويج لأفكارهم باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال.
كما عرضت الجزائر، خلال الندوات الدولية التي نظمتها حول موضوع الوقاية من التطرف العنيف ومكافحته، التوجهات الكبرى لاستراتيجيتها القائمة على تجفيف المنابع الفكرية للإرهاب المنبثقة عن رؤيتها الشاملة لمكافحة الإرهاب والدعوة إلى محارية الإسلاموفوبيا، أو أي شكل من أشكال خطاب الكراهية أوالخطاب العنصري أو الطائفي والتشويه العمدي للإسلام، وهي سلوكات منبوذة وغلو مضاد ترفضه الجزائر وتعمل على محاريته.
وفي هذا السياق تبنت الجزائر سياسة عميقة ومتعددة الأبعاد لاستئصال التطرف ما أسفر عن إضعاف الجماعات الارهابية بشكل محسوس و نزع المصداقية عن خطاباتهم وإيديولوجياتهم المتطرفة ونبذ المواطنين لهم وتجفيف منابع التجنيد التي كانوا يلجؤون إليها.
كما سنت الجزائر مجموعة من القوانين ترمي لإعادة استتباب الأمن والسلم والإدماج في المجتمع لمن ضل السبيل من أبنائها، توجها فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي زكاه الشعب الجزائري برمته عن طريق الاستفتاء، وهوا المشروع الذي سمح بمحو جميع أثار المأساة الوطنية ولم شمل الشعب وفتح المجال أمام أبناء الوطن للمساهمة في بنائه وازدهاره، وقد ارتكز على محاور خمسة ( 05) اساسية، وهى :
- اعتراف الشعب الجزائري بما أنجزه صناع حياة الجمهورية،
- الإجراءات الرامية إلى تعزيز السلام،
- الإجراءات الرامية إلى تعزيزا المصالحة الوطنية،
- الإجراءات الرامية إلى دعم سياسة التكفل بملف المفقودين المأساوي،
- الإجراءات الرامية إلى تعزيز التلاحم الاجتماعى.
من جهة اخرى، بادر فخامة رئيس الجمهورية بوضع برنامج تنموي شامل وضخم، حققت من خلاله انجازات كبرى في شتى المجالات سمحت بالاستجابة للمطالب الاجتماعية للمواطنين وتحسين مستوى معيشتهم، فضلا عن الإجراءات الملموسة لتحسين ممارسات الحكم الراشد ومحاربة الفساد وتحسين الخدمة العمومية.
وفى الإطار نفسه، بادر فخامة الرئيس بإصلاحات سياسية ومؤسساتية، ارتكزت على إصلاح العدالة والمنظومة التربوية وهياكل الدولة وكذا إرساء قواعد دولة القانون ومجتمع الحريات والمواطنة وكذا ترقية دور المرأة وتدعيم التعددية السياسية والحركة الجمعوية. كما عرفت الجزائر خلال السنة الفارطة مراجعة للدستور، والتى أتت استكمالا لمسار الإصلاحات السياسية، وذلك من خلال تعزيز الفصل بين السلطات، وتدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان، وتأكيد مكانة المعارضة السياسية وحقوقها، وتوسيع فضاء الحقوق والحريات للمواطنين.
كما تم انشاء مجلس اعلى للشباب، وهو هيئة استشارية، و إطار دستوري جديد ومكسب لفئة الشباب من أجل إيصال صوتها ومشاركتها في صنع القرارات العمومية، وفقا لمقاربة تشاركية ونبذا لكل صفات الاقصاء والتهميش التي تعد أهم مسببات التوجه إلى العنف والتشدد بدافع الانتقام.
بالإضافة إلى ذلك تم إنشاء هيئة عليا مستقلة لمراقبة الاستشارات السياسية الوطنية والمحلية، والتي هي هيئة مكلفة بالحرص على شفافية هذه الاستشارات ونزاهتها، وستشكل الانتخابات التشريعية التي ستجرى بإذن الله بالجزائر الشهر القادم بنزاهة تامة ويكل شفافية، محطة أخرى لترسيخ العمل الديمقراطي الذي نص عليه الدستور الجديد ومواصلة الإصلاحات وبرامج التنمية والانطلاق في مشاريع جديدة ستكون لها آثار بالغة المنفعة بالنسبة للمواطنين، حتى يعيشوا في وطنهم مكرمين معززين ويطووا فترة الفتنة والإرهاب إلى الأبد.
وستواصل الجزائر العمل بلا هوادة على مكافحة الإرهاب إلى غاية اقتلاعه من الجذور ومواجهة، وبكل قوة وحزم، كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار الجزائر ومواطنيها، فأمن البلاد وسيادتها كما أكدناه عدة مرات، أحمر لا يمكن تجاوزه أبدا مهما كانت التضحيات ومهما كان الثمن.
كما أن الجزائر، وللتصدي للتهديدات السيبرانية والإجرام الإلكتروني، جعلت من مكافحة الجرائم الإلكترونية أولوية قادتها إلى مراجعة العديد من الاليات القانونية والتقنية والعملياتية، فكانت من الدول السباقة للمصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات التي نصت على الجرائم الإلكترونية. كما عمدت إلى مضاعفة أنظمة الرقابة ومواكبة التكنولوجيات واستخداماتها المتطورة وتعقيداتها بتنصيب هياكل وأجهزة تعنى بالوقاية من هذا التهديد الخطير ومكافحته.
وستبقى الجزائر حريصة على المساهمة الفعالة بتجربتها الرائدة في الجهود العربية والدولية لمكافحة كافة أشكال الإجرام لاسيما العابر للأوطان والإرهاب، وعلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولى فى هذا المجال، سواء على المستوى العربي أو الإفريقي أو المتوسطي أو على المستوى الدولي.
وتدعيما لذلك، وبعد احتضان الجزائر لمقر المنظمة الإفريقية للتعاون الشرطي – الأفريبول” كجهاز للتنسيق بين المؤسسات الشرطية الإفريقية، فها هي اليوم مستعدة لاحتضان المكتب الاقليمي للأنتربول، من أجل تنسيق أكبر للجهود الاقليمية والدولية وإحاطتها بكل فعالية من أجل الحد خاصة من نشاط الشبكات الاجرامية ا العابرة للحدود.
وتدعو الجزائر مرة أخرى المجموعة الدولية، لاسيما الأشقاء العرب إلى المزيد من التنسيق فيما بينهم وإلى تحيين وتفعيل الاتفاقيات والاستراتيجيات والخطط التي تم اعتمادها في مجال مكافحة الإجرام بجميع أنماطه التقليدية والمستجدة وإيجاد الصيغ والآليات المرنة لتنفيذها بكل فعالية وكذا تفعيل التعاون والتنسيق مع المجالس الوزارية العربية المعنية وبالخصوص مع مجلس وزراء العدل العرب.
وستبقى الجزائر شريكا مخلصا في محاربة الإرهاب، في كنف احترام المبادئ التي تستند إليها سياستنا الخارجية، ومن منطلق وفائها لمبدأ عدم التدخل، سيكون دأب الجزائر التضامن مع جيرانها وإخوانها، خدمة لاستقرارهم الذي لا يمكن فصم استقرارها عنه.
كما تدعو مجددا إلى بذل المزيد من الجهود لتسوية الخلافات والنزاعات الإقليمية والدولية سلميا وعن طريق الحوار الجاد مع احترام سيادة الدول، لتفويت الفرصة أمام المنظمات الإرهابية والحركات المتطرفة لاستغلال هذه الظروف الصعبة كذريعة لعملياتها ولنشر أفكارها وإيديولوجيتها المضللة ولإيجاد أرضية لمزيد من عمليات التجنيد للشباب وممارسة أنشطتها الهدامة.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة،
السيدات الفضليات،
السادة الأفاضل،
مشاريع قرارات هامة تخص العديد من المواضيع الحيوية تدخل في صميم انشغالاتنا معروضة علينا لاعتمادها كالتقارير السنوية المتعلقة بما تم تنفيذه من الاستراتيجيات والخطط المتعلقة بالإرهاب والمخدرات وتوصيات الاجتماعات القطاعية التي عقدت خلال السنة المنصرمة والتي لا يمكن إنكار أهميتها في الوقت الراهن، والتي نتمنى أن تجد طريقها للتطبيق على ارض الواقع مما يعزز الأمن والاستقرار في بلداننا وفي العالم ككل.
وفى الختام لا يسعني إلا أن أنوه بالجهود المبذولة من قبل مجلسنا الموقر لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا العربية وأسأل الله أن يكلل أشغالنا بالنجاح والتوفيق وأن يكون هذا اللقاء لبنة جديدة في مسيرة العمل الأمنى العربي المشترك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فيديو لكلمة وزير الداخلية والجماعات المحلية في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية: