معالي الدكتور محمد بن علي كومان
القى معالي الدكتور محمد بن علي كومان كلمة في حفل افتتاح الدورة الثالثة والثلاثين التي انعقدت بمقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بتونس يوم 2016/3/2م، قال فيها:
سيادة الرئيس محمد الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود،
ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء،
وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية،
والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب،
أصحاب السمو والمعالي الوزراء،
معالي الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
أصحاب المعالي والسعادة،
السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يشرفني وهذا المجلس يجتمع مرة أخرى على أرض تونس الغالية التي تحتضن أمانته العامة بكل كرم وحفاوة، أن أرفع إلى مقام سيادة الرئيس محمد الباجي قايد السبسي، حفظه الله ورعاه، أخلص مشاعر المودة والاحترام، مقدراً كل التقدير تكرم سيادته بشمول هذه الدورة برعايته السامية، ومجدداً الإعراب عن تهانينا الصادقة بنيل تونس جائزة نوبل للسلام تقديراً مُسْتحقًّا لنجاح الحوار الوطني الذي مهد الطريق لتلاقي كل فئات المجتمع وتوجيه الجهود لتعزيز مسيرة التنمية والبناء في كنف الأمن والاستقرار.
ويسعدني أيضاً أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى صاحب المعالي السيد الحبيب الصيد على الرعاية الكريمة التي تحيط بها الحكومة التونسية الرشيدة هذا المجلس وأجهزته المختلفة.
والشكر موصول إلى معالي السيد الهادي المجدوب، وزير الداخلية وإلى مساعديه كافة على الجهود الكريمة التي بذلوها لتوفير كل مقومات النجاح لهذا اللقاء الأمني العربي الكبير، وتأمين أسباب الراحة للوفود المشاركة.
ويشرفني كذلك أن أتوجه بأخلص معاني التقدير والعرفان إلى الرئيس الفخري لمجلسنا الموقر، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، وإلى سائر إخوانه أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب على دعمهم الدائم للأمانة العامة وللعمل الأمني العربي المشترك.
واسمحوا لي أن أرحب بمعالي الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، وبالسيد يوغرن شتوك الأمين العام لمنظمة الأنتربول اللذين يشاركان معنا لأول مرة، مجددا الترحيب بسائر ممثلي المنظمات العربية والدولية شركائنا في مواجهة الإرهاب والإجرام الذين عملنا معهم طيلة سنوات بتنسيق مثمر بناء.
سيادة الرئيس،
أصحاب السمو والمعالي،
منذ عام 2011م والمنطقة العربية تواجه تحديات أمنية كبيرة بفعل التحولات السياسية التي عرفتها بعض الدول وخلفت للأسف اختلالا في المرفق الأمني لديها، سرعان ما استغلته تنظيمات الإرهاب وتجار المخدرات وعصابات الهجرة غير الشرعية لارتكاب أعمالها الإجرامية.
الأدهى من ذلك أن قوى إقليمية تناصب الأمة العربية عداء تاريخياً استغلت الحراك الشعبي لبثِّ خطاب الفرقة والتنابذ وتكريس مشاعر الحقد والطائفية والقضاء على تاريخ طويل من التعايش السلمي والانصهار بين مختلف الثقافات والمذاهب في الجسم العربي، كان عاملا أساسياً في ثراء الحضارة العربية.
وتكفي نظرة بسيطة على الواقع العربي اليوم لندرك حجم التحديات التي تواجهها الشعوب العربية.. في اليمن تعيث مليشيات الحوثي والقاعدة وداعش الإرهابية في البلاد فساداً وقتلاً وتشريداً للمواطنين وتجويعاً وحصاراً للمدن وتقويضا لمؤسسات الدولة الشرعية. في سوريا يُطحن الشعب السوري منذ سنوات برحى آلة القمع النظامية والتنظيمات الإرهابية والميليشيات الطائفية.
لم تسلم العديد من الدول العربية من الأعمال الإرهابية التي تحركها خفية الأيادي ذاتها التي تثير النعرات المذهبية والشحن الطائفي.
مشهدٌ قاتمٌ للواقع العربي يفرض علينا اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهته ..لكن من وراء هذا المشهد القاتم تلوح بجلاء بشائر الانفراج.. يزفُّها إلينا الحزمُ العربي الذي ميَّز التعامل مع قضايا المنطقة والذي وجد مثاله الناصع في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
سيادة الرئيس،
أصحاب السمو والمعالي،
يشكل هذا المجلس الموقر اليوم مثالا لنجاح العمل العربي المشترك بفضل رؤية شاملة للأمن لا تختزله في مكافحة الجريمة بالأدوات الشرطية، وإنما ترى فيه شراكة اجتماعية بين الشرطة والمجتمع، بين أجهزة الأمن وفعاليات المجتمع ومؤسساته المدنية، ووسيلةً أساسيةً لتدعيم حقوق الإنسان وكرامته.
فرغم خطورة الإجرام وفداحة المآسي التي تنجم عنه، فقد كان المجلس دائماً حريصاً على أن يحاط العمل الأمني ـ حتى في مواجهة أكثر الظواهر الإجرامية بشاعةً ـ بسياجٍ منيعٍ من احترام الحقوق والحريات والكرامة، لذا كانت مفاهيم حقوق الإنسان والشرطة المجتمعية حاضرةً دائما على جداول أعمالنا بل بات لنا مؤتمر سنوي لتعزيز حقوق الإنسان، ومؤتمر مشترك بين أجهزة الأمن ومنظمات حقوق الإنسان يعقد كل سنتين لتدارس تحديات الأمن وحقوق الإنسان في الوطن العربي.
وتكفي لمحة سريعة لما حققه المجلس في مجال مكافحة الإرهاب على سبيل المثال للوقوف على نجاح التعاون الأمني العربي، فالإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1997م، والخطط المرحلية السبع التي وضعت حتى الآن لتنفذيها، والقانون العربي النموذجي لمكافحة الإرهاب، والقانوني العربي النموذجي الخاص بالأسلحة والذخائر والمتفجرات والمواد الخطرة، والإستراتيجية العربية لمكافحة الانتشار غير المشروع للسلاح في المنطقة العربية، والقائمة السوداء العربية لمنفذي ومدبري وممولي الأعمال الإرهابية ، فضلا عن الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998م، كل تلك أمثلة يسيرة من المكاسب الجمة التي تحققت في مجال الإرهاب والتي تُوِّجت منذ عامين بإنشاء مكتب عربي مختص بمكافحة التطرف والإرهاب، يمثل اليوم العنوان البارز لمواجهة هذه الظاهرة في المنطقة العربية.
لكن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا تصميم وتفاني رجال عظام نذروا حياتهم وجهدهم لصون أمن الوطن والمواطن، وذللوا درب التعاون الأمني العربي، رجال على شاكلة المغفور له بإذن الله فقيد الأمن العربي سمو الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، الذي نستذكر اليوم بكل تقدير ووفاء إنجازاته الرائدة وأياديه البيضاء.
سيادة الرئيس،
أصحاب السمو والمعالي،
يسعدني في الختام، أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى معالي السيد نور الدين بدوي رئيس الدورة المنصرمة للمجلس، على رعايته الكريمة للأمانة العامة ومتابعته الحثيثة لأعمالها، متمنياً لمعالي الفريق الركن الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، وزير الداخلية في مملكة البحرين كل التوفيق والنجاح في رئاسة الدورة الثالثة والثلاثين. كما يسرني أن أرحب بأصحاب المعالي الوزراء الذين يشاركون في أعمال المجلس للمرة الأولى، متمنياً لهم كل التوفيق في أداء مهامهم النبيلة، وواثقاً من أننا سنلقى منهم كل الدعم والمساندة تعزيزاً لمسيرة العمل الأمني العربي المشترك.
وفقكم الله وسدد على طريق الحق خطاكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته