جهود مجلس وزراء الداخلية العرب في مجال المرور
تُشكل حوادث المرور إحدى أهم المشاكل التي تُعاني منها دُول العالم المختلفة، الفقيرة منها والغنية والمتقدمة منها والنامية.
ودُولنا العربية تُواجه كغيرها من الدول هذه المشكلة، وتدفع بسببها ثمناً غالياً من حياة أبنائها وثرواتها نتيجة ما تُخلفه الحوادث المرورية من فواجع بشرية وخسائر مادية كبيرة.
وانطلاقاً من المسؤولية الكبيرة التي يتحملها مجلس وزراء الداخلية العرب على صعيد ضمان كافة عناصر الأمن لشُعُوبنا وبُلداننا العربية، فإنه يُولي موضوع المرور ما يستحقه من اهتمام، ويتضح ذلك من خلال البرامج والخطط المختلفة التي يعتمدها، هذا بالإضافة إلى المبادئ العامة التي يرسمها والتي تعمل بهديها الأمانة العامة بصفتها الجهاز التنفيذي للمجلس.
وتُنظم الأمانة العامة في هذا المجال وعلى سبيل المثال لا الحصر مؤتمراً دورياً لرؤساء أجهزة المرور في الدول العربية يتم خلاله التشاور وتبادل الرأي في كل ما من شأنه مواجهة حوادث المرور وتخفيف الأضرار الناجمة عنها، هذا بالإضافة إلى السُبل الكفيلة بتعزيز التعاون العربي في هذا المجال، وقد شهد عام 2024م، انعقاد المؤتمر العربي العشرون لرؤساء الأجهزة المذكورة.
وعلى مدى السنوات التي مرت على تأسيسه فإن المجلس حقق العديد من الانجازات على صعيد تنظيم مجال المرور والوقاية من الحوادث المرورية هذا بالإضافة إلى معالجة الآثار التي تنجم عنها.
ونُورد فيما يلي الانجازات التي قام بها المجلس الموقر في ميدان المرور:
الإستراتيجية العربية للسلامة المرورية:
اعتمد مجلس وزراء الداخلية العرب هذه الإستراتيجية في عام 2002م، التي تهدف إلى حماية المجتمعات العربية من الآثار الناجمة عن حوادث المرور وتوعية أفراد هذه المجتمعات بكل الجوانب المتعلقة بالمرور لضمان احترام وتطبيق القواعد المرورية، هذا بالإضافة إلى تنمية إحساس المواطن العربي بمسؤوليته المشتركة تجاه تحقيق السلامة المرورية، وتحسين مُستوى كفاءة العاملين في مجال المرور، وكذلك تطوير التعاون بين الأجهزة المختصة بالمرور والجمعيات الأهلية المعنية، وتوثيق التعاون العربي والدولي في مجال السلامة المرورية.
وتتضمن الإستراتيجية جُملةً من المجالات والبرامج سواء على صعيد السياسة الوطنية أو التعاون العربي، أو التعاون الدولي.
ووفقاً لما نصت عليه الإستراتيجية، فقد تم إعداد خطة مرحلية لتنفيذ بنودها، وتم عرضها على المجلس في دورته العشرين التي انعقدت في مطلع عام 2003م، حيث تم اعتمادها.
وتتضمن الخطة جُملة من الأهداف من بينها زيادة الوعي المروري لدى أفراد المجتمع وتنمية إحساسهم بالمسؤولية المشتركة في تحقيق السلامة المرورية، وتوثيق التعاون والتنسيق بين الأجهزة الحكومية والمنظمات الأهلية المعنية بالمرور، هذا إضافةً إلى تطوير التعاون العربي والدولي في مجال تأمين سلامة المرور.
وتحتوي الخطة على مجموعة من البرامج التي أوكل أمر تنفيذها على مدى ثلاث سنوات، إلى كل من الأمانة العامة وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
وإثر الانتهاء من تنفيذ البرامج المقررة في الخطة بنهاية عام 2005م، اعتمد المجلس في دورته الثالثة والعشرين (تونس: يناير/كانون الثاني 2006م) خطة مرحلية ثانية للسنوات (2006-2008م)، تلتها خطة مرحلية ثالثة للسنوات (2009-2011) تم اعتمادها في الدورة السادسة والعشرين التي انعقدت ببيروت في شهر مارس/آذار 2009م، واعتمد المجلس في دورته التاسعة والعشرين الخطة المرحلية الرابعة للسنوات (2012-2014م)، كما اعتمد بـدور انعقـاده الثانـي والثلاثيـن بتاريخ 11/3/2015م، الخطـة المرحليـة الخامسـة للسنـوات (2015-2017م)، وفي دورته الخامسة والثلاثين (الجزائر: 7/3/2018م)، اعتمد المجلس الخطة المرحلية السادسة للسنوات (2018-2020م)، وفي دورته الثامنة والثلاثين (25/3/2021م)، اعتمد المجلس الخطة المرحلية السابعة للسنوات (2021-2023م)، واعتمد المجلس في دورته الحادية والأربعين الخطة المرحلية الثامنة للسنوات (2024-2026م).
القانون النموذجي العربي الموحد للمرور:
أقر المجلس هذا القانون في عام 1997م، والهدف منه هو المساهمة في توحيد الفكر الأمني والتشريع في مجال حيوي من مجالات الخدمة الأمنية وهو مجال المرور، الذي يُعبر دائماً عن مدى التحضر واحترام القانون في أي دولة من دول العالم، حيث أن الإنسان يستطيع أن يحكم لأول وهلة على المستوى الحضاري لأي شعب من الشعوب بمجرد أن تطأ قدمه أرض الدولة التي يعيش فيها ذلك الشعب، ويرى مدى انتظام المرور فيها، ومدى الالتزام باحترام قواعده.
ويتضمن القانون المذكور الأبواب التالية:
الباب الأول:
قواعد تنظيم المرور على الطُرق العامة.
الباب الثاني:
رُخص سير وسُوق المركبات ذات المحركات الآلية.
الباب الثالث:
العُقوبات.
الباب الرابع:
أحكام ختامية، تتناول لوائح تراخيص المركبات غير الآلية وآداب المرور وأخلاقياته، وكذلك القواعد التنظيمية للمرور، هذا بالإضافة إلى لجان المرور المركزية والفرعية.
وبتاريخ 11/3/2015م، اعتمد المجلس بدور انعقاده الثاني والثلاثين تطويراً لهذا القانون في ضوء المستجدات المتعلقة بالمرور.
الدليل العربي الموحد للمــــرور:
اعتمد المجلس في عام 1997م الدليل العربي الموحد للمرور الذي تم إعداده نتيجة التغيرات المتسارعة في التنظيمات المرورية التي فرضها التطور التقني في الدول العربية، مما أوجب ضرورة البحث للوصول إلى حد مقبول من التوافق والانسجام والتوحيد بين المصطلحات المرورية المستعملة في تلك الدول.
ويتضمن الدليل عدة فصول، على الشكل التالي:
الفصل الأول: ويشتمل على: الطريق، الشاخصات المرورية، الخطوط على الطريق.
الفصل الثاني: ويشتمل على: المركبة وأنواعها، أجزاء المركبة، الوثائق الخاصة بالمركبة، التجهيزات المرورية الحديثة.
الفصل الثالث: ويشتمل على: السائق، إجازات القيادة، منظم المرور، أدوات منظم المرور، حركات منظم المرور.
الفصل الرابع: ويشتمل على: الحوادث المرورية، الضبط وأقسامه، تعابير حُقوقية، نموذج مُخالفة سير، مُساعدات المحقق، رُموز مُخطط الحادث.
الفصل الخامس: ويشتمل على: الجنح والمخالفات المرورية – وصايا السلامة المرورية.
الخطة الإعلامية العربية النموذجية للتوعية المرورية:
أقر المجلس هذه الخطة عام 1997م، وقد تضمنت عدة أهداف أبرزها حماية المجتمع من المآسي والأضرار الناجمة عن حوادث المرور وتوعية مختلف أفراد المجتمع بكل الجوانب المتعلقة بالمرور لضمان تطبيق القواعد المرورية وتأمين السلامة العامة وذلك من خلال:
تعديل سُلوكيات سائقي السيارات الذين تعودوا على مخالفة قواعد وآداب المرور وحثهم على الالتزام بإتباعها.
توجيه المشاة إلى ضرورة التعاون مع رجال المرور والالتزام بآداب الطريق.
توعية رجال المرور بأهمية حُسن مُعاملة المواطنين، وتوثيق صلتهم بهم مما يدفعهم في النهاية إلى احترام توجيهاتهم.
السعي لتشجيع إنشاء جمعيات خاصة تتولى مع الهيئات الرسمية مهمة التوعية المرورية.
الاستمارة النموذجية العربية الموحدة لإحصاء حوادث المرور:
اعتمد المجلس هذه الاستمارة في عام 1995م، وتستفيد الآن الجهات المعنية في كل دولة عربية من هذه الاستمارة لإحصاء حوادث المرور من نواح متعددة هي:
تزويد الجهات التشريعية والقضائية والتنفيذية وغيرها ببيانات دقيقة وشاملة عن حوادث المرور بما يساعدها في رسم سياستها المتصلة بحوادث المرور، وبصيغة موحدة على مستوى جميع الدول العربية.
رصد الصورة العامة لحوادث المرور في كل بلد عربي وفق أُسس إحصائية عربية موحدة وتبسيط قياس كفاءة الجهود الوطنية لتخفيض حوادث المرور على أساس المقارنة مع جهود عربية أخرى.
اعتماد مفاهيم ومصطلحات مُوحدة على المستوى الوطني في مجال حوادث المرور.
اعتماد استمارة مُوحدة وطنياً للتحقيق في حوادث المرور مما يُوفر جُهد المؤسسات الوطنية المعنية بتلك الحوادث في إعداد استمارات مُتعددة حسب حاجة كل مؤسسة.
وفي عام 2001م، اعتمد المجلس استمارة عربية مُوحدة لجمع بيانات حوادث المرور وطلب من الأمانة العامة تحديثها بعد مضي أربع سنوات.
وقد عدلت الأمانة العامة هذه الاستمارة في ضوء المستجدات في مجال المرور، واعتمدها المجلس في دورته الثانية والعشرين التي انعقدت بتونس عام 2005م، وهي تتضمن معلومات وتفصيلات وافية حول ظُروف وأسباب الحوادث المرورية، وهو ما يُتيح المجال لإعداد الدراسات ووضع الحلول الكفيلة بتفادي تلك الحوادث.
وفي عام 2016م، قام المكتب العربي للحماية المدنية وشؤون البيئة في ظل الملاحظات والمقتـرحات التي توصل بها من الدول الأعضاء، بإعادة صياغة الاستمارة الاحصائية لحوادث المرور في الدول العربية، واعتمدها المجلس في دورته الرابعة والثلاثين (تونس: 7/4/2017م)، نظراً لشمولها وسهولة ملئها بالبيانات.
وفي دور انعقاده الخامس والثلاثين (الجزائر:7/3/2018م) أصدر المجلس قراره رقم (787/ثاني عشر)، حيث طلب إلى الأمانة العامة عقد اجتماع لممثلي الاحصاء الجنائي في الدول العربية لمراجعة الاحصائيات الصادرة عن الأمانة العامة والنظر في تعديل الاستمارات الخاصة بها، ومن بينها الاستمارة الاحصائية لحوادث المرور في الدول العربية. واعتمد المجلس بدور انعقاده السادس والثلاثين عام 2019م، تحديثاً لهذه الاستمارة، بحيث تستجيب للمستجدات في هذا المجال.
وتقوم الأمانة العامة كل سنة بإصدار النشرة الاحصائية لحوادث المرور المسجلة في الدول العربية، ويتم تعميمها على السادة رؤساء شعب الاتصال في الدول الأعضاء للاستفادة منها من قبل الجهات المعنية لديهم.
الهيكل التنظيمي لأجهزة المرور في الدول العربية: أقر المجلس في عام 1993م، هذا الهيكل التنظيمي الذي تم إعداده انطلاقاً من ضرورة وُجود تخطيط تنظيمي لأجهزة المرور، باعتبار أن مثل هذا التخطيط يُشكل إحدى الدعامات الأساسية التي يُبنى عليها العمل الوظيفي لأي مؤسسة أو إدارة، وهو يُوفر للإدارة سُهولة الإشراف على الجهاز الذي تُديره، كما أنه يُساهم في تحقيق التكامل والتجانس بين الوحدات الخاضعة للإشراف الموحد.
وفي دورته الثانية والعشرين التي انعقدت عام 2005م، اعتمد المجلس هيكلاً جديداً تحت مسمى "الهيكل التنظيمي العربي النموذجي الموحد لأجهزة المرور"، والذي تم وضعه ليتناسب مع التطورات والمستجدات في هذا المجال. دليل مُرشد للتحقيقات الأولية والإجراءات الأخرى في حوادث المرور:
أقر المجلس هذا الدليل عام 1989م، وقد تم وضعه أساساً بالنظر لأن التحقيق في حوادث المرور عُموماً يتطلب استيعاباً شاملاً لأحكام القوانين العقابية ذات الصلة بجرائم القتل الخطأ والإيذاء غير المتعمد، كما يتطلب اهتماماً ببعض الجوانب الفنية المتصلة بقواعد المرور وميكانيكية المركبة والإسعافات الأولية.
وهذا الأمر ضروري بالنسبة لرجال الشرطة في الدول العربية لأنهم يتحملون مسؤولية توفير متطلبات السلامة عند وقوع الحوادث ومنع المضاعفات الناجمة عنها، إلى جانب المساهمة الفعالة في توفير الأدلة القانونية التي تساعد على تحقيق العدالة في سير الدعوى الجزائية المترتبة على وُقوع الحوادث.
الاستمارة النموذجية للفحص الفني للمركبات: تم اعتماد هذه الاستمارة في الدورة الثانية والعشرين للمجلس التي انعقدت بتونس عام 2005م، وهي تُشكل خُطوة على طريق توحيد الإجراءات المتعلقة بالسلامة المرورية في الدول العربية. برنامج نموذجي مُوحد لمناهج ونُظم مدارس تعليم قيادة السيارات:
اعتمد المجلس هذا البرنامج في دور انعقاده الثاني والعشرين مطلع عام 2005م، وهو يتضمن قواعد هامة تساعد بشكل فعّال في تزويد سائقي السيارات بالمؤهلات الضرورية التي تنعكس بشكل ايجابي على الوقاية من حوادث المرور والتخفيف من أضرارها.
صيغة نموذجية للمصطلحات المتعلقة بالحوادث المرورية وضحاياها وفقاً للمصطلحات الدولية: اعتمد المجلس هذه الصيغة في دورته الرابعة والعشرين التي انعقدت في تونس، خلال الفترة 30-31/1/2007م، وهي تُشكل خطوة متقدمة على صعيد توحيد المصطلحات المرورية في الدول العربية، وقد تم وضعها في ضوء عدد من الاتفاقيات العربية والدولية وجاءت مواكبة للمصطلحات الدولية والمعاني القانونية.
وإضافةً إلى كل ذلك فإن المكتب العربي للحماية المدنية وشؤون البيئة القائم في نطاق الأمانة العامة للمجلس يقوم بإصدار نشرة دورية حول المستجدات العربية والدولية في مجال السلامة المرورية، ويقوم بتعميمها على الدول الأعضاء للاستفادة منها. تصور متكامل لحملة توعوية شاملة في مجال المرور:
أقر المجلس في عام 2017م، هذا التصور، وقد قامت الأمانة العامة بتعميمه على الدول الأعضاء للاسترشاد به في تنظيم الحملات التوعوية في مجال المرور.
خطة عربية نموذجية لتخفيض الحوادث المرورية لسائقي الدراجات النارية:
أقر المجلس في شهر مارس 2021م هذه الخطة، وقد قامت الأمانة العامة بتعميمها على الدول الأعضاء للاسترشاد بها. خطة عربية نموذجية استرشادية في مجال التعامل مع الدراجات الكهربائية:
تم اعتماد هذه الخطة من قبل المؤتمر العربي العشرين لرؤساء أجهزة المرور في شهر مايو من هذا العام 2024م، وستقوم الأمانة العامة برفعها إلى الدورة المقبل للمجلس تمهيداً لإقرارها وتعميمها على على الدول الأعضاء للاستفادة منها. خطة عربية نموذجية استرشادية في مجال التوعية المرورية عبر شبكات التواصل الاجتماعي:
تم اعتماد هذه الخطة من قبل المؤتمر العربي العشرين لرؤساء أجهزة المرور في شهر مايو من هذا العام 2024م، وستقوم الأمانة العامة برفعها إلى الدورة المقبل للمجلس تمهيداً لإقرارها وتعميمها على الدول الأعضاء للاستفادة منها.
وحرصاً من المجلس على التوعية المرورية، فقد طلب من أمانته العامة تحديد موعد مُوحد لأسبوع المرور العربي، بحيث تتزامن احتفالات الدول الأعضاء بهذا الأسبوع كل عام، كما طلب إليها اختيار الشعار المناسب لهذا الأسبوع بالتشاور مع الدول الأعضاء، ويُشكل الأسبوع الذي يصادف الفترة 4-10 مايو من كل عام، مُناسبة لنشر التوعية الإعلامية بخطورة حوادث المرور.
وقد أوصى المؤتمر العربي التاسع لرؤساء أجهزة المرور الذي انعقد بتونس خلال الفترة 1-2/5/2002م، الأمانة العامة بإدراج موضوع احتفالات الدول العربية بهذا الأسبوع كبند دائم على جداول أعمال المؤتمرات العربية الدورية لرؤساء أجهزة المرور.
وتصدر عن الأمانة العامة في كل عام رسالة الأمين العام بمناسبة الاحتفال بأسبوع المرور العربي، ويتم نشرها في مختلف وسائل الإعلام العربية.
وهُناك العديد من المشاريع والبرامج التي تعمل أجهزة المجلس على تنفيذها، وكلها تصب في نطاق الجهود المبذولة للتخفيف من حوادث المرور وإنقاذ شُعوبنا العربية من الويلات التي تنجم عنها.