كلمة / صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية التي ألقاها في الدورة الأولى لمجلس وزراء الداخلية العرب التي انعقدت في مدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية بتاريخ 13/ 12/ 1982م.
أصحاب المعالي الأخوة وزراء الداخلية في الدول العربية
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية
الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب
الأخوة رؤساء وأعضاء الوفود
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وأدعو الله العلي القدير أن يمدنا بعونه، ويلهمنا الحكمة والبصيرة النيرة، لننهض بهذه المسؤولية، بالقدر الذي يرضي تطلعات أمتنا العربية في شتى المجالات التي تنتظمها .
منذ سنوات قليلة خلت كان لقاء وزراء الداخلية العرب فكرة جديدة، ثم عملنا جميعاً من أجل إرساء الأساس المبدئي والتنظيمي الكفيل بأن تنتظم أوجه التعاون العربي على الصعيد الأمني بما يتفق مع شريعة الله السمحاء، والتراث الحضاري لأمتنا العربية، والبنية الاجتماعية الخيرة التي تتفاعل من خلالها الأفراد والجماعات في أوطاننا، وبما يتناسب مع المسائل العصرية، وبعض التحديات الأمنية التي لابد من مواجهتها صفا مرصوصا تمتد حلقاته من الخليج إلى المحيط .
ولئن كان لي شرف افتتاح أول مؤتمر لوزراء الداخلية العرب بالقاهرة فإنني أشعر بسعادة اليوم في الدار البيضاء، وقد تبلور ذلك الحدث الهام في هذا المجلس الدائم، الذي يتخذ القرارات المنفذة لوحدة إرادتنا في تحقيق مناخ آمن قرير يعم وطننا العربي العزيز، ولقد شهدت السنوات الماضية بعد أول اجتماع لنا نشاطا حثيثا لم ينته إلا بإرساء أسس هذا الصرح التنظيمي الأمني العربي، وللمشاركين في أول إجتماع لمجلس الوزراء العرب أن يعتزوا بهذا الإنجاز الكبير في درب التعاون والتكامل الأمني العربي .
وأرجو أن نأخذ جميعاً هذا الإنجاز بالجدية اللازمة، ولا ندع أي عائق يحول دون قيام المجلس بذاتية واضحة واستقلال تام . مجلس وزراء الداخلية العرب هو أعلى سلطة عربية في ميادين الأمن بعد مؤتمر القمة العربية، وعلاقته بالمجالس الوزارية الأخرى بما في ذلك مجلس الجامعة العربية هي علاقة زمالة وتعاون وتنسيق، وعلى هذا الأساس آمل أن تنطلق أعمال هذا المجلس، وأشعر وأنا أسلم أمانة الرئاسة للدورة السابقة لإجتماعات وزراء الداخلية العرب بأن ما أمكن تحقيقه خلال العام الماضي هي مكاسب أساسية، لا تعدلها سوى الآمال المقصودة على استمرار حمل راية العمل العربي المتآزر في ميدان الأمن ومكافحة الجريمة والإنحراف في العام المقبل إن شاء الله، وهو أول عام في عمر مجلسنا هذا، وإن كل الدلائل لتبشر بالخير، وتدعوا إلى التفاؤل، وهاهي اجتماعات الدورة الأولى تكتمل فيها وتتساند صفوف الأخوة من جميع الدول العربية الشقيقة . وما احتضان الدار البيضاء بالمغرب الشقيق لإجتماعاتنا إلا علامة هامة وبارزة على الطريق .
وإنني أشكر بإسمكم جميعاً معالي الأخ الأستاذ إدريس البصري وزير الداخلية المغربية على بادرته الكريمة بدعوتنا، كما أسجل سعادتي بالإستجابة الجماعية والمشاركة الهامة من الجميع، ولقد تعودنا من حكومة المغرب على الدوام المبادرات المضيئة فيما يعود على الإسلام والعروبة بالخير، وكيف لا وتوجيهات جلالة الحسن الثاني عاهل المغرب كانت وستبقى نبراساً للعمل المخلص لجميع العرب .
ولايفوتني في هذا الموقف أن أعبر عن الشعور بالعرفان للمنظمة العربية للدفاع الإجتماعي ضد الجريمة، ولأمينها الأستاذ محمد الشدادي على قيامها بمهام الأمانة المؤقتة لمجلس وزراء الداخلية العرب . والآن وقد أقر قيام المجلس، وقامت الأمانة الفنية لتتسلم الأمانة كاملة فإن وظيفة المنظمة تبقى كما كانت مؤسسة عربية تحتضن ثلاثة ميادين من ميادين العمل العربي المتكاملة في سبيل مكافحة الجريمة ومعاملة المذنبين، هي الشرطة والقضاء ورعاية المنحرفين. وما المنظمة سوى مجموعة الدول التي تدخل في عضويتها، وتحقق من خلالها آمالها وطموحاتها في التعاون والتنسيق وتنفيذ الأنشطة المتخصصة من خلال مكاتبها في كل من بغداد وعمان ودمشق .
ويبقى مجلس الوزراء هو المختص بإصدار القرارات الخاصة بالسياسة الأمنية العربية والتعاون الأمني العربي، ومن خلال أمانة المجلس الفنية يتم تنفيذ القرارات، ومتابعة التنفيذ، سواء تولى التنفيذ المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب أو اللجان أو الخبراء أو المؤسسات القطرية، فإن دور الأمانة الفنية هو التكليف ومتابعة الإنجاز وعرض النتائج على المجلس .
إنني أتمنى صادقاً للمفهوم هذا أن يتبلور في العام الأول من سني المجلس وأمانته، ولاشك في أننا نعهد بهذه المهمة النبيلة إلى يد عربية أمينة سواء بالنسبة لرئاسة الدورة التي تكون بحسب النظام لمعالي وزير الداخلية المغربية، الدولة المضيفة، أو بالنسبة للأمين الذي تنتخبونه .
بهذا أختتم كلمتي في افتتاح الدورة الأولى لمجلس وزراء الداخلية العرب، وأدعو صاحب المعالي الأستاذ ادريس البصري وزير الداخلية المغربية لتولي رئاسة الدورة الأولى، متمنياً له ولنا جميعاً التوفيق والسداد .